تعريف الإسلام لغة واصطلاحاً
الإسلام هو دين العبادات والتقوى، الذي جاء به النبي محمد صلى الله عليه وسلم، والذي يُعتبر من الأديان السماوية التي يؤمن بها المسلمون كآخر ديانة نزلت من عند الله، وتُعدّ الشريعة الإسلامية التي يشتمل عليها هذا الدين، مرجعاً لجميع أمور الحياة من عبادات ومعاملات وأخلاق. لكن لتوضيح أبعاد هذا الدين العميقة، لا بد من التعرف أولاً على معنى كلمة “إسلام” من الناحية اللغوية والاصطلاحية، وما يشمله من معاني ومفاهيم تُعبر عن جوهر هذا الدين.
أولاً: تعريف الإسلام لغة
كلمة “إسلام” تأتي من الجذر العربي “س-ل-م”، وهو جذر ذو دلالات متعددة تتضمن معاني السَّلامة، التسليم، والخضوع. في اللغة العربية، يُقال: “أسلمتُ” أي “خضعتُ” و”سَلَمَ” أي “سَلمَ من أي ضرر أو سوء”. بناءً على ذلك، فإن “الإسلام” لغةً يأتي بمعنى الخضوع التام لله تعالى، والتسليم لإرادته وطاعته.
إذن، من خلال هذا المعنى اللغوي، يظهر أن الإسلام ليس فقط إيماناً بل هو منهج حياة قائم على تسليم النفس لما يرضي الله، والانقياد الكامل لأوامره، والابتعاد عن نواهيه، مع الالتزام بالسلامة والطهارة النفسية والجسدية من كل ما يضر بالإنسان. ولذلك، يمكن القول إن الإسلام بمعناه اللغوي يتضمن فكرة التسليم التام والإخلاص الكامل لله عزّ وجل.
ثانياً: تعريف الإسلام اصطلاحاً
أما في الاصطلاح الشرعي، فإن الإسلام يُعرّف على أنه الدين الذي أرسل الله به الأنبياء والرسل منذ بدء الخليقة، وآخرهم النبي محمد صلى الله عليه وسلم، والذي جاء بالقرآن الكريم الكتاب السماوي الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه. يُعتبر الإسلام في هذا السياق ديناً يعبّر عن الاستسلام لله وحده، والإيمان برسله وكتبه التي نزلت على مر العصور.
يُعرّف العلماء الإسلام اصطلاحاً على النحو التالي: هو “الاستسلام لله بالتوحيد، والانقياد له بالطاعة، والخلوص من الشرك وأهله”. وعلى هذا التعريف، يشمل الإسلام ثلاثة جوانب رئيسية تتفق في جوهرها مع ما جاء في القرآن الكريم والسنة النبوية، وهي:
-
التوحيد: الإيمان بالله وحده لا شريك له، وتوحيد الألوهية والربوبية والأسماء والصفات. يعتبر توحيد الله أساس الدين وأعظم مبدأ في الإسلام، حيث ينفي المسلمون أي شرك مع الله، ويؤمنون بأن الله هو الخالق والمدبّر والمستحق للعبادة وحده.
-
الطاعة: الخضوع الكامل لما جاء به القرآن الكريم والسنة النبوية. فالإسلام لا يقتصر على الإيمان فحسب، بل يتطلب من المسلم التزاماً عملياً بأوامر الله، مثل أداء الصلاة والزكاة، واتباع هدي النبي محمد صلى الله عليه وسلم في حياته وأقواله وأفعاله.
-
البراءة من الشرك وأهله: تتطلب الشريعة الإسلامية من المسلم البراءة من كل ما يخالف توحيد الله، مثل عبادة الأصنام والأوثان أو الإيمان بأي قوة أو كائن آخر غير الله. فالحديث عن البراءة من الشرك يمثل أحد أركان الإسلام التي لا يتحقق الإيمان الكامل إلا بها.
الإسلام كمنهج حياة
من جانب آخر، يعد الإسلام بمفهومه الاصطلاحي منهجاً متكاملاً للحياة، حيث يشمل جميع جوانب الإنسان من عبادة ومعاملات وأخلاق. لذا، فإن الشخص الذي يُطلق عليه مسلم هو من ينقاد لهذا المنهج الشامل الذي يبدأ بتوحيد الله ويشمل في جوانب أخرى الكثير من التفصيلات التي تعنى بسلامة الفرد والمجتمع.
يتضح من هذا التعريف أن الإسلام ليس مجرد شعائر أو عبادات فردية، بل هو نظام اجتماعي شامل يوجه حياة الأفراد في تعاملاتهم مع بعضهم البعض، سواء في المجال الاقتصادي، السياسي، الاجتماعي، أو الثقافي. الإسلام جاء ليحرر الإنسان من التبعية للأهواء والغرائز ويجعله خاضعاً فقط لله، بعيداً عن أي سلطان آخر سوى سلطان الله ورسوله.
ارتباط الإسلام بالسلام
يمثل الإسلام في جوهره دعوة للسلام الداخلي والخارجي. فالتسليم لله يعني الوصول إلى حالة من التوازن الداخلي، والتي تفضي إلى شعورٍ بالسلام مع النفس، ومع الخالق، ومع الآخرين. وبالتالي، يمكن القول إن الإسلام يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالسلام بمعناه الشامل، حيث يدعو المسلم إلى العيش بسلام مع نفسه ومع محيطه.
من جهة أخرى، جاء الإسلام ليُؤسس مجتمعاً يعمّه السلام والاستقرار، من خلال إقامة العدل بين الناس، وتوجيههم نحو الخير العام والابتعاد عن كل ما يُسبب الفتنة أو النزاع. كما جاء الإسلام بآليات لضمان العدل والمساواة في المعاملات، وذلك من خلال الشريعة التي تُنظم العلاقة بين الفرد والآخر، وتُضمن الحقوق والواجبات.
الإسلام والإنسانية
من خلال تعريف الإسلام لغة واصطلاحاً، نرى أن هذا الدين لا يقتصر فقط على التوجه الروحي أو العبادي بل يتعدى ذلك ليشمل جميع ميادين الحياة. لذلك، يظل الإسلام ديناً يهدف إلى تحقيق المصلحة العليا للبشرية جمعاء، بالعدل والمساواة واحترام حقوق الإنسان.
يتميز الإسلام عن غيره من الأديان بتقديمه منظومة أخلاقية تنظم جميع مجالات الحياة، مثل العدالة، الرحمة، التعايش بين البشر، حفظ الحقوق، ومنع الظلم. هذا الدين يعلي من قيمة الإنسان ويحفظ له حقوقه الأساسية مثل الحق في الحياة، الحق في الحرية، والحق في التعبير عن الرأي، إلى جانب الحقوق المترتبة على المعاملات اليومية.
علاقة الإسلام بالكتب السماوية الأخرى
الإسلام يشترك مع الأديان السماوية الأخرى، مثل اليهودية والمسيحية، في العديد من المبادئ المشتركة، مثل الإيمان بإله واحد، والأنبياء والرسل الذين بعثهم الله إلى البشر ليدعوهم إلى التوحيد. ومن هنا يظهر الترابط العميق بين الإسلام والديانات الأخرى التي جاءت من عند الله، رغم وجود اختلافات في بعض التفصيلات العقائدية.
ومع ذلك، يعترف المسلمون بجميع الأنبياء الذين أرسلهم الله في مراحل تاريخية مختلفة، من آدم إلى نوح، إلى إبراهيم، موسى، عيسى عليهم جميعاً السلام، ويؤمنون أن النبي محمد صلى الله عليه وسلم هو خاتم الأنبياء والمرسلين. كما يؤمن المسلمون أن الكتب السماوية التي أنزلها الله هي صحف إبراهيم، التوراة، الزبور، الإنجيل، وأخيراً القرآن الكريم الذي يُعدّ الكتاب الأخير الذي لا يأتيه الباطل.
خاتمة
في الختام، يمكن القول إن تعريف الإسلام لغة واصطلاحاً يعبّر عن جوهر هذا الدين الذي يهدف إلى تحقيق الاستسلام لله وحده، والانقياد لأوامره ونواهيه، سواء في العبادات أو المعاملات أو الأخلاق. إن الإسلام هو منهج حياة متكامل يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالسلام الداخلي والخارجي، ويدعو إلى تحقيق العدالة والمساواة في المجتمع.
